جاري التحميل الآن

حرب السودان: معاناة ومآسي النزوح المتتالي

حرب السودان:معاناة ومآسي النزوح المتتالي

كتب آدم رجال

ما تزال معاناة الناجين من أهوال الحرب قائمة وما تزال مآسيهم تتفاقم في ظل تعنت الأطراف المتحاربة ولامبالاتهم بما آلت إليه الأوضاع الإنسانية المتدهورة في ربوع السودان وبخاصة في إقليم دارفور، الذي ناله من الألم والدمار ما لم تنله سواه من الأقاليم.

لقد كانت النساء والأطفال، كعادتهم في مواسم الخراب أكثر الفئات تعرضًا للضياع والانكسار، فهم من دفعوا الثمن الأبهظ لهذا الصراع العبثي، وضاعت بينهم الأحلام، وتبددت الآمال. التقيتُ اليوم في طويلة ببعض الناجين ممن فقدوا أبناءهم وهم يسلكون دروب النزوح القاسية، يموتون عطشا وجوعا وأجسادهم الصغيرة تسلمها الأرض دون وداع.
كانت أمًا مفجوعة حملت في أحشائها جنينا فيما دفنت بيديها خمسة من أطفالها، ولا تزال تبحث عن زوجها المفقود، بينما ينهشها الحزن والذهول. كيف للغة أن تصف هذه المأساة؟ وكيف للضمير الإنساني أن يصمت عن مشاهد كهذه؟ إن ما رأيته وسمعته ليس إلا صورة واحدة من عشرات الصور التي تجسد قسوة الحياة وظلم الحرب.

وفي ذات الطريق التقيت بأطفال فقدوا كلا والديهم، تيهين في عراء النزوح، لا سند لهم ولا مأوى. لقد خلق هذا الصراع واقعًا هستيريا تجاوز حدود الإدراك، وعطل كل القيم والسياسات، وفرض علينا ظرفًا استثنائيًا لا يمكن تجاوزه دون وقفة ضمير.

إن استمرار النزوح المتتالي على مدى عقدين، وما تبعه من آلام وجراح، يستوجب منا جميعا، كمواطنين حريصين على ما تبقى من هذا الوطن، أن نعمل بلا هوادة لإنهاء هذه الحرب المجنونة. آن الأوان أن تُصغى أصوات السلاح لصوت الإنسانية وأن تتوقف آلة القتل عن طحن ما تبقى من أرواح بائسة تتشبث بخيط أمل.

إن على أطراف الصراع أن تعي حجم الكارثة، وأن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية، في وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار والبدء في فتح صفحة جديدة، تُبنى على وحدة أبناء السودان، وتؤسس لوطن يسوده العدل والمساواة، ويخلو من التشريد والنزوح والمخيمات.

هذا ما سيُكتب للتاريخ، وهذا ما سيحفظ وحدة أمتنا، ويضع أول حجر في بناء دولة المواطنة، التي نحلم بها جميعا.

الناطق الرسمي بإسم منسقية النازحين واللاجئين في دارفور -غرب السودان

تعليق :يحمل آدم رجال على عاتقه مسؤولية كبيرة تتمثل في إيجاد صوت لآلاف النساء والأطفال وكبار السن ممن فقدوا المأوى وادمنوا الترحال في متاهات الحروب التي تبدو بلا نهاية .

فقد بح صوت رجال من المناشدات والتنديد ولا بوادر حل تلوح في أفق النازحين الذين تقطعت بهم السبل ولم يجدوا من يقودهم إلى دروب الامل والحياة الكريمة.

المحرر

إرسال التعليق