الأونروا: الضفة الغربية تشهد أكبر كارثة نزوح منذ 1967
في تصريح صادم يعكس حجم المأساة الإنسانية المتفاقمة بقطاع غزة، أعلن رولاند فريدريك، مدير عمليات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في الضفة الغربية، أن الأراضي الفلسطينية المحتلة تشهد حاليًا أكبر موجة نزوح إنساني شمالي الضفة الغربية منذ نكسة عام 1967.
وأوضح فريدريك، خلال مقابلة مع قناة “القاهرة الإخبارية” يوم الجمعة، أن الاحتلال الإسرائيلي أجبر أكثر من 40 ألف فلسطيني على مغادرة منازلهم في عدد من المخيمات الواقعة شمالي الضفة، نتيجة لما وصفه بـ”التدمير الممنهج” لمنازل المدنيين، وخاصة في مخيمي نور شمس وطولكرم، اللذين يشهدان منذ أسابيع تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق من جانب قوات الاحتلال.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن قوات الاحتلال قامت أيضًا بتدمير أكثر من 300 منزل في مخيم جنين وحده، مما تسبب في كارثة إنسانية طالت آلاف العائلات الفلسطينية، وأجبرتهم على النزوح القسري في ظروف إنسانية صعبة.
ووصف فريدريك هذا الوضع بأنه “مأساوي بكل المقاييس”، مؤكدًا أن هذا النمط من العدوان يهدد بنسف ما تبقى من مقومات الحياة في تلك المناطق.
خدمات حيوية في خطر
تعد وكالة الأونروا من أبرز المؤسسات الدولية العاملة في دعم اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث تُشرف على تشغيل أكثر من 100 مدرسة تقدم التعليم لما يزيد عن 45 ألف طالب فلسطيني، إضافة إلى 43 عيادة صحية تقدم خدمات طبية أساسية لنحو نصف مليون لاجئ، في وقت تتزايد فيه الاحتياجات الإنسانية نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة منذ بداية العدوان على غزة في أكتوبر 2023، وما تبعه من توتر وتصعيد في الضفة الغربية.
كما تقدم الوكالة مساعدات إنسانية أساسية لأكثر من 200 ألف لاجئ يعيشون في 19 مخيمًا موزعة على مختلف مدن ومحافظات الضفة الغربية.
وتؤكد الأونروا أن استمرار العدوان وعمليات الاقتحام اليومية للمخيمات الفلسطينية يعطل عملها الإنساني ويهدد قدرة اللاجئين على الوصول إلى الخدمات الأساسية.
قيود الاحتلال تتصاعد
وفي السياق ذاته، أشار فريدريك إلى أن الاحتلال الإسرائيلي قد أقام أكثر من 700 حاجز عسكري داخل الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب، وهو ما يعيق حرية حركة المواطنين، ويعرقل نقل المرضى والإمدادات الطبية والغذائية، بل ويمنع في كثير من الأحيان وصول الطواقم التعليمية والطبية التابعة للوكالة إلى أماكن عملهم، مما يفاقم من الأوضاع الإنسانية داخل المخيمات.
خطط استجابة عاجلة
أمام هذا الواقع المتدهور، أعلنت أونروا أنها تعمل على تطوير برامج بديلة لاستمرار التعليم، خاصة في المناطق التي تم استهداف مدارسها أو أصبحت غير آمنة بسبب العمليات العسكرية.
كما بدأت الوكالة تنفيذ خطط طوارئ لتوفير المأوى والخدمات الأساسية للنازحين الجدد، رغم شح التمويل والتحديات الأمنية.
وأكد فريدريك أن “الوكالة لن تتخلى عن مسئولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، رغم ما تواجهه من قيود ومخاطر”، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين وتوفير الدعم المالي والسياسي اللازم لاستمرار عمل الأونروا في المناطق المحتلة.
تصاعد الانتهاكات وتفاقم الأزمة الإنسانية
وتأتي هذه التصريحات في وقت تصاعدت فيه الانتهاكات الإسرائيلية ضد المدنيين في الضفة الغربية، بالتوازي مع العمليات العسكرية الجارية في قطاع غزة.
وتشير منظمات حقوق الإنسان إلى أن الاحتلال يستخدم سياسة “العقاب الجماعي” في الضفة، من خلال اقتحامات يومية، واعتقالات جماعية، وفرض قيود شديدة على التنقل، الأمر الذي تسبب في تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية بشكل غير مسبوق.
من جانبها دعت الأمم المتحدة مرارًا إلى احترام القانون الدولي الإنساني، وضمان حماية المدنيين، إلا أن تقارير ميدانية تؤكد استمرار عمليات التهجير القسري والتدمير المنهجي، وسط غياب أي مساءلة دولية حقيقية لسلطات الاحتلال.
الأونروا في مهب التهديدات السياسية والمالية
تجدر الإشارة إلى أن وكالة أونروا تواجه ضغوطًا متزايدة من بعض الدول المانحة، عقب اتهامات إسرائيلية لبعض موظفيها بالمشاركة في أعمال عدائية – وهي اتهامات نفتها الوكالة، وأكدت فتح تحقيقات داخلية بشأنها. وقد أدى ذلك إلى تعليق بعض المساعدات المالية، مما يهدد استمرارية البرامج الإنسانية في الضفة وغزة وسائر مناطق عمل الوكالة.
ويُعد استمرار دعم الأونروا ضرورة ملحة لضمان الحد الأدنى من الاستقرار الإنساني والخدمي في المناطق الفلسطينية، لا سيما في ظل الانهيار شبه الكامل للمنظومة المدنية تحت ضغط الاحتلال والحرب.
نرشح لك: وزير الدفاع الإسرائيلي يدعو الفلسطينيين للاحتجاج ضد “حماس”
إرسال التعليق