جريمة التحريض في القانون السوري

 ما هو تعريف جريمة التحريض في القانون السوري؟
قامت المادة 216 من قانون العقوبات السوري بتعريف المحرِّض أنّه:
(يعد محرضاً كل من حمل أو حاول أن يحمل شخصاً آخر بأي وسيلة كانت على ارتكاب جريمة)
ومن هذا التعريف توضّح لنا أن جرم التحريض هو القيام بحمل شخصاً آخر، أو المحاولة في حمله بأي وسيلة كانت على ارتكاب جريمة. ولفظ حمل يعني ـ لغة أن المحرِّض يعمل على القيام بنشاط إيجابي يتكون من عدة عناصر هي: العمل على خلق فكرة الجريمة في عقل المحرَّض، وإقناعه بسهولتها والفائدة التي ستعود عليه عند ارتكابها ودفعه إلى تنفيذها كما يمكن أن نستخلص أيضاً أنّ المشرع قد عمل على المساواة بين مصطلح الحمل ومحاولة الحمل. ويقصد بمحاولة الحمل العمل على قيام المحرّض بإقناع شخص ماعلى ارتكاب جريمة معيّنة إلا أنه يفشل في هذا البداية حيث يرفض الشخص الواقع عليه التحريض قبول الفكرة أو العمل على تنفيذها. وهذا يؤكد أنّ جريمة التحريض على أيّ جريمة من حيث المبدأ تقع بمجرد أن يتم عرض فكرة الجريمة على المحرِّض، وبذل كافة الوسائل الممكنة لإقناعه بارتكابها، وذلك بصرف النظر عن قيامه بقبول الفكرة أو رفضها.
ولذلك قد تشدّد المشرع السوري على معاقبة المحرِّض كونه هو الذي يعمل على خلق فكرة الجريمة، و من ثمّ يورِّط شخص آخر في ارتكابها وهذا يؤكد على مدة خطورته الإجرامية على المجتمع كونه هو من يريد الجريمة ولكنه يعمل على دفع غيره إلى ارتكابها بعيداً عنه ظنًا منه أنّ هذا نوع من أنواع الذكاء أو أنّه سوف يفلت بعملتههذه من العقاب كونه لم يقم بارتكاب الجريمة بيده، وهو في الغالب يعمل على التنصل منها إذا ارتكبت، ويقوم بتحميل كامل الحق على منفذ الفعل الذي أتمر لقوله
 أركان التحريض:
إنّ التحريض يقوم على بشكل أساسي على ركنين وهما:
الركن المادي: المؤلف من النشاط الإيجابي، أي الفعل المكون للجريمة
الركن المعنوي: والذي يقوم بشكل أساسي على القصد الإجرامي، أي الحالة الذهنية والنفسية التي يكون فيها المحرض ونيته في التحريض على ارتكاب جرم معيّن.
الركن المادي ـ (النشاط الإيجابي):
النشاط الإيجابي يقصد به أنّه النشاط ذو طبيعة نفسية، الذي يتكون من الفعل المادي وذلك بالقول أو الكتابة أو الإشارة، والذي يقوم به المحرِّض من أجل زرع فكرة الجريمة لدى المحرَّض، وإقناعه بالإقدام على ارتكابها بكافة الوسائل الممكنة ودفعه إلى تنفيذها بأسرع وقت ممكن عن طريق استغلال مشاعره وشحذ عزيمته..
ومن هنا يمكننا القول أن القيام بالتحريض يجب أن يكون بشكل جدي ومؤثر ومن شأنه أن يحقق غايته. فإذا كان ليس أكثر من حديث عادي، أو عرض وجهة نظر أو تمنيات، أو تعبيراً عن حقد أو غضب أو بغضاء، فلا يعد تحريضاً.
الركن المعنوي ( القصد الإجرامي)
يتحقق هذا الركن عندما يكون لدى المحرّض نيّة حقيقة في دفع شخص على ارتكب جريمة معيّنة تحقيقًا لغاياته الشخصية، وقيامه باستغلال شخص صغير السن أو في حاجة ماسّة إلى المال، أو عن طريق استغلال أيّ ظرف يمر به هذا الشخص من أجل التأثير عليه بيسر وسهولة حتى يرتكب جريمته.
تشهد سوريا اليوم في الوقت الراهن انتشار كبير للمحرضين على جميع الأصعدة الطائفية والسياسية والاقتصادية، حيث يقوم المحرضين في هذه الفترة الحساسة التي تمر بها سوريا في استغلال أفكار الناس وشحن عواطفهم بالأحقاد على أبناء شعبهم، علمًا أنّ توجد في جميع الطوائف والمحافظات وكافة أطياف المجتمع السوري أشخاص سيئين وإرهابين وأشخاص على قدر كبير من المحبة والثقافة، وبالتالي يجب على الحكومة الجديدة اتخاذ كافة الوسائل الممكنة في إنزال أقصى العقوبات على كل من ساهم في التحريض وخاصة الطائفي منه.