طقوس فرعونية لا تموت.. قصة عيد شم النسيم عند المصريين

احتفال سنوي تتجدد فيه الحياة وتتوحد فيه الطقوس.. من تلوين البيض لتناول الفسيخ، تعرف على أصل وتاريخ عيد “شم النسيم” الذي يعود إلى مصر الفرعونية

يُعد شم النسيم واحدًا من أقدم الأعياد في العالم، حيث يمتد تاريخه لأكثر من 4700 عام، وتحديدًا منذ عصر الأسرة الثالثة في الحضارة الفرعونية، أي ما يقرب من 2700 سنة قبل الميلاد. ورغم مرور آلاف السنين، لا يزال المصريون يحتفلون به بنفس الطقوس تقريبًا، ليظل هذا اليوم رمزًا للبهجة والانتماء المشترك بين مختلف الفئات والديانات.

جذور فرعونية.. عيد الخلق وبداية الحياة
كان المصري القديم يربط شم النسيم بفصل “شمو”، وهو فصل الحصاد في التقويم الزراعي المصري القديم، ويبدأ من مارس حتى يوليو.
وكان يُنظر لهذا اليوم باعتباره عيد الخلق وبداية الزمن، حيث تُجدد فيه الطبيعة ويحتفل الناس بتفتح الزهور ونمو المحاصيل.

تلوين البيض.. رمزية الحياة الجديدة
من أبرز طقوس شم النسيم التي ما زالت حية حتى اليوم هي تلوين البيض.
وقد بدأت هذه العادة في العصور الفرعونية، حيث كان البيض رمزًا للحياة والبعث في المعتقدات المصرية القديمة، كما ورد في كتاب الموتى. وكان المصريون يكتبون أمنياتهم على البيض ويلونونه بألوان زاهية، ثم يضعونه في سلال من سعف النخيل ويعلقونه على الأشجار أو أسطح المنازل طلبًا لتحقيق الأمنيات.

الفسيخ والبصل.. أطعمة بطقوس وأساطير
أما الفسيخ، فهو عادة فرعونية أصيلة، إذ اعتاد المصريون تجفيف السمك البوري وتمليحه قبل شم النسيم، وكان يُعرف قديمًا باسم Lathpolis في مدينة إسنا بصعيد مصر.
كذلك ارتبط تناول البصل الأخضر بقصة أسطورية، حيث يُقال إن إحدى بنات الفرعون شُفيت من مرض عضال بعد استخدام عصير البصل كعلاج، ومنذ ذلك الوقت أصبح جزءًا من طقوس هذا اليوم.

شم النسيم وعلاقته بعيد القيامة
يتزامن شم النسيم مع الاحتفال المسيحي بعيد القيامة، حيث يأتي شم النسيم يوم الاثنين التالي له. ويُعتقد أن هذا الارتباط حدث لأن شم النسيم كان أحيانًا يقع في فترة الصوم الكبير لدى المسيحيين، مما دفعهم لتأجيل الاحتفال حتى انتهاء الصوم.

مظاهر احتفال المصريين قديمًا وحديثًا
في العصور القديمة، كان المصريون يتوجهون إلى محيط الهرم الأكبر لمشاهدة تعامد الشمس عليه عند الغروب، حيث يبدو المشهد وكأن الشمس تُقسم الهرم إلى نصفين في مشهد مهيب. أما في العصر الحديث، فتجتمع الأسر المصرية في الحدائق العامة والمسطحات الخضراء، يتشاركون الوجبات التقليدية مثل الفسيخ والرنجة، وتُمارس العائلات طقوس تلوين البيض وسط أجواء من الفرح والموسيقى.

ويُعد شم النسيم العيد الوطني الشعبي الأقدم الذي يُوحد المصريين من مختلف الديانات والثقافات، محافظًا على رمزيته المرتبطة بالتجدد، والحياة، والطبيعة، في مشهد سنوي يعكس عبقرية الحضارة المصرية وقدرتها على الاستمرار.

نرشح لك: ارتفاع ثم انخفاض في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس خلال أسبوع