جاري التحميل الآن

قانون مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي يثير جدلاً واسعاً في مصر

قانون مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أقر البرلمان المصري مساء الأحد قانونًا جديدًا يمنح النيابة العامة صلاحيات موسعة لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة والبريد الإلكتروني. القرار أثار قلقًا كبيرًا بين المواطنين، مما استدعى تدخل رئيس البرلمان لتوضيح أهداف القانون وضوابط تطبيقه.

تفاصيل قانون مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي وصلاحيات المراقبة

وافق مجلس النواب المصري، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على تعديلات تشريعية تمنح النيابة العامة، بعد الحصول على إذن مسبَّب من القاضي الجزئي، الحق في إصدار أوامر بمراقبة الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، البريد الإلكتروني، والهواتف المحمولة.

وينص القانون على أن مدة الإذن الممنوحة لا تتجاوز 30 يومًا، مع إمكانية التجديد لمدة مماثلة وفقًا للحاجة. كما تشمل هذه الصلاحيات مراقبة الرسائل النصية، والمكالمات الهاتفية، والوسائط المتبادلة عبر الأجهزة التكنولوجية، وذلك في سياق التحقيقات المتعلقة بالجرائم الجسيمة.

النصوص القانونية الجديدة

وفق المادة 79 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، يحق للنيابة العامة إصدار أوامر بضبط الرسائل والمطبوعات والطرود، ومراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية. وتشمل المادة إمكانية الإطلاع على محتويات حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، بما فيها الصور والفيديوهات غير المتاحة للعامة. كما يسمح القانون بتسجيل الأحاديث التي تُجرى في أماكن خاصة إذا كانت تمثل أدلة في قضايا جنائية أو جنح يُعاقب عليها بالسجن لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر.

مخاوف المواطنين ورد البرلمان

أثار هذا القانون حالة من الجدل والخوف بين المواطنين بشأن احتمال انتهاك الخصوصية. دفع ذلك رئيس البرلمان، المستشار حنفي جبالي، إلى التدخل وطمأنة الرأي العام، حيث أكد أن مراقبة الاتصالات ليست عشوائية وتتم تحت إشراف قضائي صارم.

وقال جبالي إن المراقبة لا تتم إلا في حالات التحقيق بجرائم خطيرة، وتكون بناءً على أمر قضائي مسبب يراعي جميع الضوابط القانونية. وأشار إلى أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن حسمت مشروعية هذه الإجراءات في قضية دستورية عام 2018.

مشروع القانون وحقوق الإنسان

رغم الانتقادات، يؤكد المسؤولون أن القانون يهدف إلى تحقيق التوازن بين مكافحة الجرائم الحديثة وحماية حقوق الإنسان. وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، طارق رضوان، إن القانون جاء متماشياً مع التعديلات الدستورية التي أجريت على دستور 2014، بهدف تعزيز الحريات الأساسية وضمان المحاكمات العادلة.

وأضاف رضوان أن التعديلات تتضمن ضمانات واضحة لحق الدفاع، وحق المتهم في معرفة التهم الموجهة إليه، مع تقليل مدد الحبس الاحتياطي، بما يراعي مطالب المنظمات الحقوقية.

اعتراضات نقابة المحامين

على الجانب الآخر، أثارت بعض بنود القانون اعتراضات من نقابة المحامين، حيث أشار النقيب عبد الحليم علام إلى أن التعديلات تعطي سلطات واسعة للضبط والتحقيق على حساب حقوق الدفاع. وأوضح أن النصوص الحالية قد تؤثر على نزاهة سير العدالة، مما يتطلب مراجعة دقيقة.

سياق أوسع لتعديلات القوانين

يرى مراقبون أن القانون يأتي ضمن جهود أوسع لإعادة صياغة القوانين المصرية بما يتماشى مع الإستراتيجية القومية لحقوق الإنسان. وأكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن هذا المشروع يمثل أولوية لحكومته لتحقيق التوازن بين حماية المجتمع واحترام الحقوق والحريات.

الخاتمة

يظل قانون مراقبة وسائل التواصل مسألة شائكة تثير الجدل بين مؤيد ومعارض. وبينما تؤكد الحكومة أنه أداة لضمان العدالة ومكافحة الجرائم، يرى آخرون أنه قد يفتح الباب أمام انتهاكات محتملة للخصوصية.

ما بين الطمأنة والانتقاد، يبدو أن مصر مقبلة على نقاشات مطولة لضمان تطبيق القانون بما يحقق التوازن بين مكافحة الجريمة وحماية حقوق المواطنين.

إرسال التعليق